الأمراض المزمنة وما يعني الإصابة بها
امر طبيعي انه عندما نكتشف اصابتنا بمرض مزمن يعد خطيرا او يهدد الحياة، أن نشعر بالهلع، وتبدأ الأفكار السوداء تطفو في المخيلة. إن ردود الأفعال عند الإنسان حول اي شئ تعود الى خلفيته عن هذا الشئ. ومن طبيعة الإنسان خوفه مما يجهله.
فنحن قد نجهل العلاج لما نصاب به من مرض، او انه قد تنطبع في خلفيتنا معلومات معينة عن هذا المرض. كأن يكون نادرا مايتم الشفاء منه، وغيره من المعلومات التي لدينا في ذاكرتنا عن أمراض معينه، او مايصوره لنا المختص، او من يعرفنا بهذا المرض، او من خلال البحث للتعرف على هذا المرض المزمن.
مما يؤسف له ان كل هذه المصادر تصيبنا بالرعب، حيث انها لاتظهر لنا سوى الجوانب السلبية عن الحالة. ما يجعلنا نتكهن بامور تزيد من المعاناة. ولكن ياترى هل هذا هو ما اصابنا بهذا الخوف، والقلق؟!، ام ان هناك امور اخرى اغفلناها في تفكيرنا حول هذا المشهد.
محاولة الهدوء لترتيب الأفكار يهدئ من الروع
الاصابة بالأمراض المزمنه هو حدث كغيره من حوادث الحياة، التي تحتاج الى قرارات صحيحة نتخذها تجاهها. ومن المفترض ان ندرك، انه عندما يعصف بفكرنا امر ما او حدث معين يؤرقنا فإننا نحاول البحث عن قرار نتخذه، ولايمكنك إتخاذ قرار ما، في امر ما، حتى تعيد النظر في الأفكار من حولك وتدرسها، ويحدث ذلك عندما تهدأ، وتقف، لترى مالديك من معطيات تتخذ قرارك بناء عليها، وهنا تستطيع التحرك نحو الهدف بهدوء. وهذه الآلية الفكرية طبيعية وبديهية في العقل البشري السوي، ولكن هناك من يدركها وهناك من يفعلها دون إدراك لتلك الآلية.
لو توقفت وهدأت قليلا لأدركت ان ما افزعك ليس هو معرفتك بمرضك، بل هو إدراكك التام بأنك سوف تفارق الحياة يوما ما، والذي لفت نظرك اليه ما اصابك من حدث، تحسب أن الموت قد ياتيك من خلاله. إن من طبيعة الأنسان ان يخفي هذه الحقيقة عن نفسه دون إدراك ليمارس امور الحياة وكأنه سيعيش الى الأبد. وهذا هو سر اختفاء موعد آجالنا. ونحن في حياتنا اليومية نمارس إخفاء هذه الحقيقة في جميع تعاملاتنا، بل ونشعر بعضنا وكأننا في منأى عن الموت مادمنا بعيدا عن اي حادث.
اذا ذكرك اي مشهد بهذه الحقيقة، نقصد حقيقة الموت. فإنك ستفزع، وتخاف، وهذا مايحدث عندما تشاهد شخصا ميتا، او نسمع بالموت، اونبتلى بحدث يذكرنا به ومنها الأمراض.
إذا فعندما نمرض فنحن لا ننظر الى المرض، ونتجه بإتجاه مقاومته، بل ننظر الى فقدان الحياة ونقاوم الموت وهذه وجهة مستحيلة ولا تساعد على الشفاء بل العكس. وهناك فرق شاسع بين ان يتجه فكرك نحو مقاومة المرض، وان يتجه نحو مقاومة الأجل. فتنبه لذلك.
لا علاقة بين المرض والموت غير الذكرى
نقولها بشكل مباشر وواضح، ليس هناك علاقة بين المرض والموت غير تذكيرك بهذه الحقيقة التي نحاول تناسيها كي نعيش بأريحية، فالمرض هو مشهد كأي مشهد آخر يذكرك بتلك الحقيقة فقط لاغير.
مايبين مفهومنا الخاطئ عن الموت بشكل واضح، هو اننا نربط في مفهومنا بين الموت والحدث، بمعنى اننا الصقنا في مفهومنا أن الحدث هو من يجلب لنا الموت، او أن الموت قد يقتنصنا من خلال الحوادث كالمرض وغيره من حوادث الحياة. اما حقيقة الموت فإنه هو من يصنع السبب الذي يصلك من خلاله، وفي وقت قياسي، وهو اخفى من ان تدركه، حتى وإن بدى لك هذا السبب ظاهرا احيانا.
إن مفهومنا عن الموت بإختصار هو اننا نحسب أنا نسطيع التكهن بأسبابه، وهذا بلا شك نابع من فكرة لاشعورية بأن بإستطاعتنا الهروب منه، والتي انبثقت داخلنا نتيجة لرفض الحقيقة التي نشاهدها ونعيشها، وهي حقيقة انه لامهرب من الموت.
لو تفرسنا الحقيقة جيدا لوجدنا وبشكل جلي أن الموت أمر حتمي يأتي في وقت محدد لانعلمه ولانستطيع التكهن به، وهذا الوقت قد يأتي خلال حدث معين، اويأتي وأنت مرتاح وصحيح تتناول كوبا من القهوة. وقد يأتي خلال النوم او الصحيان، او الحركة او السكون. وان الموت ليس مشروطا بالحوادث التي تصيبنا من مرض مزمن وغيره من احداث الحياة، التي نعتقد انها ستودي بنا. وهذا يبين لنا بشكل جلي ان الموت قد يظهر في ماحدث لك، وقد لايظهر،على سبيل المثال المرض.
الامراض المزمنه ليست سببا حتميا لإنتهاء الحياة
هل المرض او اي حادث يصيبنا في الحياة مشروطا بالموت.؟!. و هل الموت يختار المريض ويترك الصحيح.؟!. هل يختار كبار السن ويترك الصغار.؟!. وهل المندس عن احداث الحياة لايصل اليه الموت كمن يعاركها.؟!.
إذا اجبت بنعم عن سؤال واحد، فأنا اقول لك أن المرض يودي بحياتك حتما، وان اسباب الموت واضحة نستطيع الإبتعاد عنها. بل سنصل الى ابعد من ذلك وهو انك انت من جلب الموت لنفسه لعدم ابتعادك عن اسبابه ومنها المرض. بإختصار لو اجبت بنعم فقد ينهار ميزان العدالة عندك.
إن إعتقادنا القوي، والسائد بأن نسبة فقد الحياة خلال الحوادث، من مرض وغيره، اكبر بكثير من فقدانها في حالة الإستقرار، وقد نقسم على ذلك. ان هذا الإعتقاد، ساد نتيجة لمنظورنا فنحن نرى ان هناك سببا يؤدي الى الموت، ولم ننتبه ان الموت قد يتخذ من الحدث سببا للوصول اليك عندما يحين اجلك لاغير، وهناك فرق كبير في المفهوم.
إن اصابتنا بمرض مزمن، لاتعني قرب فقدان الحياة، ولكنها تعني اننا سنعاني منه فترة من الحياة حتى نشفى، او مقدرا ان يبقى حتى يحين اجلنا المحتوم. ولايعني انه عندما يأتي الموت ونحن نعاني من مرض ما انه لم يكن ليأتي لو كنت صحيحا.
ماذا تفعل اذا اكتشفت ان لديك مرضا يعتبر خطيرا
بداية عليك تمرير تلك الصدمة البائسة التي يصدمك بها الطبيب، او من يبلغك عن تقريرك الطبي، وكل من حولك من المهتمين بك الذين يريدون التخفيف عنك ويودون معاونتك، ولا يعلمون انهم يؤكدون لك خوفك وينفخون فيه، ويؤكدون لك المفهوم المغلوط بأن ماتعانيه يهدد حياتك. ولاتلمهم في ذلك، فالجميع يعيشون مفهوما واحدا، وهو نفس المفهوم المغلوط الذي تحدثنا عنه. ونسوا انه كم من طبيب قضى قبل مريضه.
اعلم ان الفكر لديك يحتاج الى توجيهه الوجهة الصحيحة، وهذا له اثر بالغ في الشفاء بشكل لايصدق، ولكن كيف..؟
اتعلم اين يتجه فكرك لحظة معرفتك بمرضك، إنه يتجه نحو التشبث بالحياة ومحاولة الهروب من الموت، وتبدا لديك رحلة المقاومة لمحاولة البقاء، وهذا طبيعي حيث ان مفهومك هو ان المرض قد يهدد حياتك بالفناء، وهذا ما يجعل من حركتك نحو العلاج من زاوية خاطئة، وهي محاولة البقاء، وليس مقاومة المرض نفسه، وهذا يزيد من المعاناة، والقلق. وكأنك تقول انا لا اريد ان اموت. وهنا حملت نفسك مالا تطيقه ومالا تستطيعه. بينما الإتجاه الفكري الصحيح أن تنطلق نحو العلاج وانت تقول انا لا اريد ان ابقى مريضا حتى يحين الأجل، بل سأحاول ان ابقى صحيحا حتى نهاية حياتي. وشتان بين الإتجاهين.
يجب ان تعلم ان الفرق بين مفهومك أن المرض يهدد حياتك بالفناء، ومفهومك أن المرض قد ينغص عليك ماتبقى من حياتك، هو فرق كبير، وان هناك امور مختلفة تحدث اثناء مسيرتك في احدهما.
ابتعد عن الفكر والتكهن السلبي حول المرض، إطلع وتثقف بشكل إيجابي عن مرضك وافهم آليته فهذا يساعدك على الشفاء، انظر أخبار الذين تعافوا، او سيطروا عليه.
إن ابلغ ماتفعله عند إصابتك بمرض ما، وخصوصا الأمراض التي نعتبرها مهددة للحياة، هي الوقوف وترتيب الأوراق في نمط الحياة الذي نعيشه، غير نمط العيش عندك، في كل الأمور، وعلى سبيل المثال، وهو اول امر يجب ان تقف عنده هو نظام الغذاء لديك، تحول مباشرة دون تردد الى تناول الاغذية العضوية، وابحث عن الحمية التي تناسبك. فالحمية لها اثر لايستهان به في القضاء على جل الأمراض، وتساعد برامجك العلاجية، إذا كانت حمية مدروسة من مختص.
الموت لا يعنية ان كنت صحيحا ام مريضا. إنما يعنيه ساعة وفاء اجلك، فهو ينتظرها ويأتيك فيها على اي حال كنت ساعتها.
إن الفرق بين المريض، والصحيح، هي المعاناة فقط. فلا تجعل فكرك بأخذك الى ابعد من هذا عندما تمرض.
نحن مهددون بالموت في كل لحظة، وعندما تحين لحظته، فلا يعنيه ماهو عليه حالنا تلك اللحظة.